Tuesday 8 March 2011

عمر طاهر :لو لم أكن صعيديا لتمنيت أن أكون سويسيا


بقلم   عمر طاهر    ٨/ ٣/ ٢٠١١
أثناء مشاهدتى لقطات موقعة أمن الدولة كانت هناك جملة واحدة تتردد فى عقلى: «كنت متأكد.. كنت متأكد.. بس كنت شاكك»، بالرغم من أنها جملة لعمرو عبدالجليل من «كلمنى شكرا» فإنه رويدا رويدا أكتشف أن حياتنا فى ظل النظام السابق يمكن تلخيصها فى عنوان واحد: «مواطن ومخبر وحرامى».
لا تخف على الثورة أو تخاف منها، لكن احذر اثنين: الإعلامى الذى يقول إن الثورة «مباركة»، فربما يكون من أذيال النظام، وربما يكون تأنيث اسم الرئيس إشارة للبدء فى حرق أى ملفات أو فرمها، واحذر «حسن كاميرا»، هذا الرجل الأسمر ذو الزبيبة المنتفخة فى جبهته، الذى يطل عليك من أى مكان تتواجد فيه كاميرا تليفزيون، حسن هو رمز لكل من يفكر فى الركوب على أكتاف الثورة، رأيته خلال الثورة فى تقارير عن الاعتصامات وأغنيات وطنية وفواصل، وأخيرا مع الإخوة المسيحيين الذين تظاهروا اعتراضا على أحداث أطفيح أمام التليفزيون منذ يومين.. وبالرغم من كل هذه الزبيبة فقد وقف أمام الكاميرا محشورا بينهم وهو يصرخ: «حرام اللى بيعملوه فينا ده».
احذرهما، لكن قل شعرا فى (السويس)، تلك المدينة التى كانت سببا رئيسياً فى انهيار الداخلية واختفائها.. كانت هى أول من أعاد الداخلية للشارع بكل احترام، وإن كان البعض قد شككنى فى مبادرة عودة الشرطة القائمة على (شعب + شرطة + عالم دين + اعتذار علنى + قسم جديد)، فالسويس العظيمة أثبتت لى (أنه ينفع)، منذ بدأت الثورة وأرى ما يحدث هناك.. هو الصوت ونحن الصدى، وحتى يومنا هذا مازالت السويس قادرة على أن تتفاعل مع الثورة بطريقة تلمس القلب وتثير المشاعر.. أكاد أجزم أن مفعول الغاز المسيل للدموع مازال قائما هناك.
أنا شخصيا لو لم أكن صعيديا لتمنيت أن أكون سويسيا. قل شعرا.. لكن لا تقع فى فخ الربط المباشر بين الثورة والسياحة، فالعالم الذى تخشى أن ينفض من بين يديك سياحيا يرسل لك قادته ليزوروا ميدان التحرير، قارن بين مشهدى وزير خارجية فرنسا فى الميدان يترجل بلا حراسة، ومشهد معبد الكرنك وقد أخلاه النظام السابق لساركوزى وصديقته، حتى يتبادلا فيه القبلات، ولا تنفعل عندما تسأل: «هيه الناس دى ليه بتروح التحرير تانى؟»، فهو دليل على أنك لم تذهب إلى التحرير أولانى.. فالذهاب إلى التحرير حاليا قد يكون ظاهره النضال لكن باطنه الراحة التى يجدها أى واحد منا فى مسقط رأسه.
لا تحزن على إلغاء معرض الكتاب، فقد ترك لنا أمن الدولة كميات من الملفات تحت شعار «القراءة للجميع»، ولتشكر الله على أن الشعب استعاد ملفاته التى كان أمن الدولة يضطهده بها.. كده مش فاضل غير الـ«سى ديهات» اللى عند سيادة المستشار.
omertaher@yahoo.com


الصفحة الرسمية لمحافظة السويس


لو اعجبك المقال ادعمنا بالضغط على لايك